من داخل أنفاق سجون سوريا وزنازينها.. قصص ومشاهد صادمة!
أنفاق سرّية وزنازين ضيّقة لا يتسلّل إليها النور، أقبية مظلمة وجدران تتنفس القهر وتخفي داخلها آلامًا لا تنتهي، حيث تمتد شبكة السجون في سوريا التي تثير الرعب بمجرد ذكرها..
ويعتبر سجن صيدنايا أحد أكثر السجون العسكرية تحصينا في عهد نظام حافظ الأسد ومن بعده نجله بشار الأسد، وأطلق عليه لقب "السجن الأحمر" في إشارة لعمليات القتل والتعذيب الدموية التي يقول حقوقيون إنّه شهدها.
وكان "المسلخ البشري" -كما يُطلق عليه أيضا- الوجهة الأهم للسوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد، على أمل العثور على أثر لأناس انقطعت أخبارهم منذ فترة، تراوحت بين شهور وعدة عقود، عن آباء أو أمهات، أبناء أو بنات، أزواج أو زوجات، بل وحتى أطفال أيضاً.. حيث سبق أن أعلنت فصائل معارضة السورية، فجر الأحد، فتح بواباته بعد فرار سجانيه..
مصدر الفيديو: قناة الجزيرة
ورغم مرور أكثر من 24 ساعة على تحرير السجن، فإنّ محاولات فكّ شيفرة الأقفال ومعرفة خريطة البوابات السرية المؤدية إلى سراديب تضم آلاف المعتقلين، المتوقّع أنّهم ما زالوا في طوابق غير معروفة العدد بدقة تحت الأرض، متواصلة. ويشارك في أعمال البحث عن الأقبية واستكشاف الدهاليز المعقدة تحت الأرض سكان محليون من المنطقة، إضافة إلى معتقلين سابقين وأفراد أمن.. وما زاد من تعقيد الأمور فرار المسؤولين عن السجن وعدم وجود أي شخص على دراية بمنشآت السجن وما يخفيه.
ووفقا لما ورد من من صور وفيديوهات أولية من داخل السجن، تبيّن أنّ هناك أطفال ونساء وكبار في السن، كما خرج معتقلون تم احتجازهم هناك منذ سبعينات وثمانينيات القرن الماضي.
وفي إحدى الشهادات التي انتشرت على مواقع التواصل، قالت إحدى النساء ممن تم تحريرهن من السجن "دخلت شابة عزباء والآن أخرج وأنا في الثلاثينات من عمري ومعي طفلان لا أعرف آباءهما". مقطع آخر أظهر شابا مختبئا تحت السرير في زنزانته، وعلامات الرعب والذهول تبدو عليه على الرغم من نداءات المسلحين له بالخروج وأن فترة اعتقاله انتهت.
قصص كثيرة خرجت من السجن، على الرغم من أنه لم يمض على سقوطه أيام. من تلك القصص عجوز لبناني، يبدو عليه تعرضه لويلات التعذيب، تم اعتقاله من لبنان عام 1980، حتى أن عائلته فقدت كل الآمال لكونه مازال على قيد الحياة.
واحتشد آلاف السوريين من نساء ورجال وأطفال، مساء الاثنين 9 ديسمبر 2024، في سياراتهم أو سيرا، أمام سجن صيدنايا، بانتظار معرفة مصير أقارب لهم معتقلين. فعلى الطريق المؤدي إلى السجن، اصطف طابور من السيارات امتد على طول نحو سبعة كيلومترات، ما دفع المئات إلى المتابعة سيرا على الأقدام. ومع استمرار منظمات إنسانية في القيام بعمليات بحث داخل السجن، بقي كثر منهم حتّى وقت متأخر ينتظرون معرفة معلومات عن أقارب لهم.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الرجال بوجوه نحيلة منهم من تولى رفاقهم حملهم لشدّة نحولهم وعدم قدرتهم على التحرك، أثناء إخراجهم من السجن.
ويقول أحد المعلقين على منصة إكس إنّ الصور التي تخرج من سجن صيدنايا "سوف تظل تطاردنا لقرون قادمة"، حيث يقبع الآلاف محاصرين تحت طبقات من المباني، ولا يرون نور النهار قط. وتابع "هذا هو المسلخ البشري" .
وأنشئ سجن صيدنايا عام 1987 خلال حكم الرئيس السابق حافظ الأسد، على بعد 30 كلم شمال دمشق. وعلى مدى عقود، اتخذ السجن رمزية لقمع النظام لمعارضيه بشكل مأساوي، مستحقا اللقب الذي أطلقته عليه منظمة العفو الدولية في تقرير عام 2017 وهو "المسلخ البشري".
ووفقا للتقرير الذي استند على شهادات العشرات من حراس وسجناء سابقون وقضاة، تم إعدام 13 ألف معتقل في صيدنايا بين 2011 و2015.
وتقدّر "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا" في تقرير نشر في 2022 أن أكثر من 30 ألف معتقل إما أُعدموا، أو قضوا نتيجة التعذيب، أو نقص الرعاية الطبية أو الجوع بين عامي 2011 و2018، كما "يُعتقد أن نظام الأسد أعدم ما لا يقل عن 500 معتقل إضافي بين عامي 2018 و2021"، وفقاً لشهادات ناجين وثقتها الرابطة.
وحسب ما ورد من تقارير حول السجن، تقدر مساحته بـ1.4 كلم مربع، وهو مؤلف من مينيين أساسيين، "السجن الأحمر" وهو المبنى القديم للسجن، و"السجن الأبيض"، فضلا عن أعداد غير معلومة من الدهاليز والأقبية السرية. والسجن محاط بنظام حراسة معقد، وتقوم بإدارته عدة مستويات أمنية، الجيش والشرطة العسكرية والمخابرات.
أما حول السلطة المباشرة عليه، فلم يتبع صيدنايا وزارة العدل السورية، بل وزارة الدفاع، وكانت المخابرات أو الشرطة العسكرية هي الجهات المخولة بإصدار أذونات الزيارات للمعتقلين بداخله. كما لم يكن يسمح لأي منظمة حقوقية بزيارته.
وتحدّث تقرير الرابطة عن وجود غرف إعدام داخل السجن، تجري فيها عمليات الشنق يومين أسبوعياً، فيما تُنقل الجثث وتدفن في مقابر جماعية. أما جثث من قضوا تحت التعذيب فكانت تحفظ في غرفة مليئة بالملح قبل نقلها إلى أحد المستشفيات لإصدار شهادة وفاة لكل جثة، لتدفن لاحقا في أماكن بعضها معلوم.
وكالات ومواقع إخبارية بتصرّف